فصل: مسألة مرض فدعا جارية عنده فقال أشهدوا أني أعتقتها في صحتي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.كتاب النكاح الرابع:

.خطب امرأة فزوجه وليها برضاها فلما حضر اشترط أولياؤها شروطا:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم من سماع يحيى بن يحيى عن عبد الرحمن بن القاسم من كتاب الكبش قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن رجل خطب امرأة فزوجه وليها برضاها، فلما حضر الخاطب لكاتب الصداق عليه اشترط أولياؤها شروطا بها كانت رضيت أن تزوجه من ذلك إنه إن تزوج عليها فالداخلة عليها بنكاح طالق، وإن تسرر فهي حرة، فلما قرئ الكتاب على الخاطب قال: قد رضيت بالصداق والشروط، غير أني لا ألزمها نفسي إلا بعد ابتنائي بها، فلم ينكر عليه الأولياء، وكتب القوم شهادتهم على ما في الكتاب، وقد سمعوا ثنياه، فأقام الخاطب بعد ذلك ثلاث سنين أو نحوها، ثم اتخذ سرته، فلما بلغ ذلك المرأة قامت عليه بشروطها، فقيل لها: إن زوجك قد اشترط لنفسه عند عقدة نكاحك كذا وكذا، فقالت: والله ما علمت بهذا، ولو علمت ما رضيت، فأما إذا كان هذا، فلا أرضى به اليوم ولا أقبله، ولا نكاح بيني وبينه، وقال الزوج: والله ما كنت أرى إلا أن إخوتك أعلموك بالذي كان من استثنائي، فإذا زعمت أنك لم تعلمي ولم ترض بما صنعوا فأنا ألزم نفسي شروطك من اليوم، وقالت الجارية: أما إذا لم تقبلها يومئذ، وإنما تلزمها نفسك من الآن، فلا أرضى بتزويجك، قال: القول قولها إذا تباعد الأمر وطال، ولا ينفعه أن يلزم نفسه بعد طول زمان ما قد كان كره أن يتزوج عليه يوم رضيت به، وذلك أنهما لم يكونا يتوارثان لو مات أحدهما؛ لأن النكاح لم يتم إذ لم يرض بجميع ما أنكحته عليه نفسها، قال: قلت: فإن رضيت أن تسقط عنه الشروط حتى تبنى كما كان استثناها هل يثبتان على نكاحهما الأول؟ قال: لا أرى ذلك لهما بعد طول زمان، وإنما يجوز هذا ومثله إذا أخبرت بحدثان الكتاب وحين أسقط ذلك الزوج عن نفسه، فيجوز لها الرضى، ويتم النكاح بذلك العقد، فأما إذا تباعد ذلك وطال زمانه، حتى لو مات أحدهما لم يتوارثا، فالنكاح مفسوخ، لا يجوز لهما أن يقيما عليه، أجابته لما استثنى أو أجابها إلى جميع ما اشترطت، قال: وما اتخذ من سرية، أو تزوج من امرأة فيما بينه وبين أن يصحح هذا النكاح بينه وبينها، فلا يلزمه في ذلك شيء مما كانت شرطت عليه. قال أصبغ: وذلك إذا قرّ لها بأصل الشرط، أو كانت به بينة أنهما تعاملا عليه وعليه أجابت.
قال محمد بن رشد: أما إذا لم ترض بنكاحه إذا بلغها أنه لم يلتزم الشروط إلا من بعد الابتناء، فلا يلزمها النكاح إذا لم ترض به، وإن التزم لها الشروط من حينئذ، وكان ذلك قريبا من العقد، إلا أن يكون ذلك في المجلس قبل الافتراق منه، وقبل انقضاء المراوضة بينهما فيه؛ لأن ذلك بمنزلة الرجل يقول للرجل: قد بعتك سلعتي بكذا وكذا، وقد زوجتك وليتي بكذا وكذا، فتقول: لا أرضى إلا بكذا وكذا، فيقول له: لا أبيعك، أو لا أزوجك، إلا بما قلت لك، فلا يقول: قد أخذتها بذلك، حتى يفترقا من المجلس. فقوله في هذا الموضع: القول قولها إذا تباعد الأمر وطال، ولا ينفعه أن يلزم نفسه بعد طول زمان ما قد كان كره أن يتزوج عليه يوم رضيت به، لا يقام منه دليل على أن القول قوله إذا قرب الأمر ولم يطل، ويلزمها النكاح، إذ لا يصح أن يقال ذلك على ما بيناه. وأما إذا رضيت بالنكاح على أن تسقط عنه الشروط حتى يبتني بها على ما استثنى، فقوله ها هنا: لا أرى ذلك لهما بعد طول زمان، وإنما يجوز هذا ومثله إذا أخبرت به بحدثان الكتاب، إلى آخر قوله هو على المشهور من قوله في الذي يزوج وليته قبل أن يستأمرها، فترضى إذا بلغها أن ذلك يجوز في القريب، ولا يجوز في البعيد، وقد قيل: إن ذلك يجوز في القريب والبعيد، وقد قيل: إن ذلك لا يجوز في القريب ولا في البعيد، حسبما بيناه في أول رسم من سماع ابن القاسم، فالاختلاف في تلك المسألة داخل في هذه، إذ لا فرق بين أن يزوجها بغير إذنها، أو يزوجها بغير ما أذنت له أن يزوجها عليه من الشروط فيما يجب لها من الخيار، وقد وقع في سماع سحنون، ومحمد بن خالد، في مثل هذه المسألة ما ظاهره أن النكاح يجوز إذا رضيت به، وإن بعد الأمر، وهو مما يدل على ما ذكرناه من دخول الاختلاف المذكور فيها. وأظهر الأقوال في هذه المسألة ألا يجوز، وإن أجازته ورضيت به في القريب ولا في البعيد؛ لوقوع النكاح على خلاف ما رضيت به المرأة من الشروط بعلم الزوج والولي، فكان النكاح قد انعقد بينهما على أن المرأة بالخيار، وذلك يقتضي فساد العقد في الصحيح من الأقوال، وقد بينا هذا المعنى في أوّل رسم من سماع ابن القاسم، وفي رسم شهد على شهادة ميت من سماع عيسى وقول أصبغ في آخر المسألة، وذلك إذا أقر لها بأصل الشرط إلى آخر قوله، صحيح؛ لأنه إذا لم يقر بذلك الزوج لها ولا قامت به بينة، فالنكاح لازم على ما وقع، ولا تصدق فيما ادعت مما يوجب لها الخيار في النكاح؛ لأنها في ذلك والولي مدعيان على الزوج.

.مسألة الرجل يزوج عبده أمته على أن كل ولد يولد له منها أحرار:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الرجل يزوج عبده أمته، على أن كل ولد يولد له منها أحرار، قال: النكاح مفسوخ، وإن كانا في ملكه؛ لأنه وقع بشرط لا يحل، بمنزلة الأجنبيين، قيل له: فإن لم ينظر في فسخ ذلك حتى ولد له، قال: هم أحرار، فقيل له: فما ولدت بعد موته؟ قال: ما ولدت قبل اقتسام الورثة إن كان سيدها مات وهي حامل فهو حر.
قلت: أمن رأس المال أم من الثلث؟ قال: بل من رأس المال، قال: وما حملت به بعد موت السيد فهم عبيد، وما ولدت بعد القسم وإن كانت به حاملا قبل موت السيد فهو عبد للذي صارت له الأمة.
قلت: أكان يمنع سيدها من بيعها؟ قال: لا، قلت: رهقه دين أم لم يرهقه؟ قال: ذلك سواء، يبيعها متى ما شاء في الدين وغير الدين.
قلت: فالورثة ألهم بيعها إذا مات وهي حامل؟ قال: نعم، احتاجوا إلى ذلك أو استغنوا عنه، ألا ترى أن لهم أن يدخلوها في قسمهم، فتبطل بذلك عتاقة ما في بطنها، والبيع كذلك يجوز لهم، احتاجوا إلى ذلك أو استغنوا عنه. قلت: أرأيت لو لم يكن ذلك على السيد في شرط، ولكنه قال لبعض إمائه: كل ولد تلدينه فهو حر، أهي مثل الذي يزوجها على هذا الشرط؟ فقال: الشرط في هذا والابتداء سواء، إلا أن النكاح يفسخ إذا وقع بهذا الشرط. قلت: والذي ذكرت من تجويز بيعها للسيد أتريد بذلك إذا لم تكن حاملا حين بيعها أم ذلك له في الحمل وغيره؟ فقال: إنما ذلك إذا لم تكن حاملا. قال أصبغ: لا أرى أن يقسم حتى تضع إلا أن يرهق دين أو يخاف تلف المال.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والقول فيها موعبا في رسم الجواب من سماع عيسى، وذلك يغني عن إعادته ها هنا وبالله التوفيق.

.مسألة الرجل يتحمل ابنه بصداق امرأته فتلزمه المرأة وتريد قبضه منه:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الرجل يتحمل عن ابنه بصداق امرأته فتلزمه المرأة وتريد قبضه منه، ويدعو ابنه إلى الابتناء: ألها أن تأخذه بالحمالة وتدع زوجها لا تطلبه بشيء؟ فقال: لو كان ضمن لها ذلك عنه لها في ماله، كان غرم ذلك لازما له إذا دعت إلى أن يبني بها زوجها، ولم يكن للزوج عذر في ترك الابتناء من صغر به ولا بها، فأما إذ لم يجب حقها عليه إلا على وجه الحمالة، فلا سبيل لها إليه حتى لا يوجد للزوج مال، فإن كان معدما لزم الأب غرم ما تحمل عنه لها، ويطلب الأب ابنه بما غرم عنه. قال: وإن طلقها قبل البناء بها غرم الأب نصف الصداق عن ابنه إن كان معدما، واتبعه به دينا عليه، وإن كان مليا أخذت نصف الصداق من مال زوجها. قيل له: فإن كان الأب حمل الصداق عن ابنه في ماله فطلقها قبل البناء بها؟ قال له: طلقها قبل البناء بها، وقد كان الأب حمل الصداق في ماله، فنصف الصداق للمرأة غرم على الأب، وليس للابن على أبيه من النصف الثاني شيء.
قلت: أرأيت إن طلقها قبل البناء بها وقد مات أبوه؟ قال: يكون للمرأة نصف الصداق من رأس مال أبيه، ويكون النصف الثاني للورثة ليس للابن منه شيء دونهم.
قلت: ولم جاز للأب أن يحبس على الابن النصف الثاني، وصار أيضا ذلك النصف للورثة حين طلقها بعد موت أبيه، وقد كان لو ابتنى بها يلزم الأب والورثة بعد الأب أن يدفعوا إلى المرأة جميع الصداق؟ قال أصبغ: لأنه جعل له عطية تتم أو لا تتم، فإن تمت في الدخول لزمت، وإلا فما لزم منها، وما لم يتم فلا يلزمه؛ لأنه ساقط عن الابن، فلما سقط عن الابن سقط عن المتحمل به، بمنزلة من احتمل عن رجل بثمن سلعة بعينها اشتراها فاشتراها ولم يتم له الاشتراء بعيب فيها أو استحقاق بالثمن، رد إلى الحميل ليس للمعطى منه شيء، وهو قول مالك في الطلاق.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة لا اختلاف فيها، إلا في موضعين: أحدهما ضمان الرجل عن الزوج الصداق في عقد النكاح، ابنه كان أو أجنبيا، هل هو محمول على الحمل حتى ينص أنه أراد الحمالة؟ أو الحمالة حتى ينص أنه أراد الحمل، والحمل هو أن يؤدي عنه ما حمل عنه من المال ولا يرجع به عليه، والحمالة هي أن يؤدي عنه ما يتحمل به عنه ويرجع به عليه، هذا معلوم عند الفقهاء بعرف التخاطب، وإن كان في اللغة سواء في المعنى؛ لأنهما جميعا مصدران، من حمل يحمل حملا وحمالة فمذهبه في المدونة أنه محمول على الحمل حتى يتبين أنه أراد الحمالة. وهو قول ابن حبيب في النكاح من الواضحة وقول ابن القاسم في سماع سحنون، بعد هذا، وروى عيسى عنه في غير العتبية أنه على الحمالة حتى يتبين أنه أراد الحمل، وليس في هذه الرواية في ذلك شيء يعتمد عليه؛ لأن قوله لو كان ضمن لها ذلك في ماله، كان غرم ذلك؛ لأن ماله يريد على وجه الحمل، يدل على أنه لو كان ضمن لها ولم يقل: في ماله، لم يجب عليه غرم ذلك إلا على وجه الحمالة، وقوله: فأما إذا لم يجب حقها عليه إلا على وجه الحمالة، إلى آخر قوله، يدل على أنه إذا وجب حقها عليه على وجه الضمان، كان غرم ذلك واجبا عليه على سبيل الحمل، وهذا تعارض في الظاهر، ولو ضمن لها عنه الصداق بعد عقد النكاح، أو الثمن في عقد البيع، أو بعد عقده، لكان ذلك محمولا على الحمالة حتى ينص أنه أراد الحمل، قولا واحدا. والموضع الثاني هل المتحمل عنه محمول على الملاء فلا يكون للمتحمل له رجوع على الحميل حتى يثبت أن المتحمل عنه عديم؟ أم محمول على العدم، فيكون للمتحمل له أن يرجع على الحميل حتى يثبت الحميل أن المتحمل عنه ملي؟ فظاهر قوله في هذه الرواية، فلا سبيل لها إليه حتى لا يوجد للزوج مال، يدل على أن المتحمل عنه على الملأ خلاف ما لسحنون في نوازله من كتاب الكفالة إنه محمول على العدم، والحميل غارم، إلا أن يكشف أن للمتحمل عنه مالا. وقوله في الذي حمل الصداق عن ابنه: إن للزوجة أن تأخذ جميع صداقها من رأس ماله إن لم يطلق الابن في ماله فطلقها قبل البناء، إن النصف الذي يسقط عن الابن بالطلاق يسقط عن الأب، ولا يكون للابن صحيح. ووجهه أن الأب لم يعط الصداق للابن، وإنما التزم أداءه عنه، فوجب إسقاطه عنه ما لم يجب أداؤه عليه منه لسقوطه عنه بالطلاق، وهذا بين على القول بأن الصداق يجب نصفه بالعقد، والنصف الثاني بالدخول، وأما على القول بأن الصداق يجب جميعه للزوجة بالعقد، ويستحق الزوج عليها نصفه بالطلاق، فيتخرج على قول ابن الماجشون أن يكون للابن النصف الذي يجب له بالطلاق. وقد مضى بيان هذا في رسم طلق من سماع ابن القاسم. وقوله إذا مات الأب الذي حمل الصداق عن ابنه: إن للزوجة أن تأخذ جميع صداقها من رأس ماله إن لم يطلق الابن، أو نصفه إن طلق صحيح؛ لأنها عطية انعقد عليها النكاح فلم يفتقر إلى حيازة، وكذلك لو حمل عن رجل في عقد البيع سلعة اشتراها، وإنما يختلف إذا حمل عن ابنه أو عن أجنبي الصداق بعد عقد النكاح، أو ثمن السلعة بعد عقد البيع، هل يفتقر ذلك إلى حيازة، أم لا؟ على قولين، والله الموفق للصواب.

.مسألة يتزوج المرأة فينحل وليها فتكره المرأة أن تتبع وليها بشيء من ذلك:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الرجل يتزوج المرأة فينحل وليها نحلة لعلها أن تكون أكثر من الصداق، فتكره المرأة أن تتبع وليها بشيء من ذلك، ويريد الزوج الرجوع على الولي بالذي نحله أذلك له أم لا؟ فقال: إنما الحق فيه للمرأة إذا اشترطه الولي، فإن أحبت أخذه كان ذلك لها، وإن تركته فالأمر إليها، ولا حق فيه للزوج، وليس له أن يرجع فيه على الولي ولا على المرأة؛ لأنه يعد من صداقها. ألا ترى أنه لو طلقها قبل أن يمسكها كان نصف الحباء للذي نحل الولي للرجل، ونصفه للمرأة، قيل له: فما كان من نحلة نحلها الزوج ولي المرأة أو بعض أختانه على غير شرط، أيكون للمرأة فيه حق إن اتبعته؟ أو يكون للزوج أن يرجع على الختن الذي أنحله؟ قال: إذا لم يكن على ذلك أنكحه، ولا عدة عاملة عليها حتى تكون كالشرط، وإنما هو من الزوج كالشكر للأولياء، أو لبعض الأختان وصلة لهم، أو على وجه الصلة لهم قبل النكاح؛ ليستجر مودتهم، فلا حق فيه للمرأة قبل وليها، ولا يجوز للزوج الرجوع فيه ولا الإتباع لهم به لمن أعطته.
قال محمد بن رشد: الحباء لولي المرأة ينقسم على ثلاثة أقسام:
أحدها أن يكون ذلك عند الخطبة قبل العقد. والثاني أن يكون ذلك عند العقد بشرط. والثالث أن يكون ذلك بعد العقد على غير شرط. فأما ما كان من ذلك عند الخطبة قبل العقد، فإن تم العقد كانت المرأة أحق، وإن لم يتم العقد كان للزوج الرجوع به على الولي؛ لأن الذي أعطي بسببه لم يتم له، وأما ما كان من ذلك عند العقد بشرط، فحكمه حكم الصداق يكون للمرأة قبل وليها إن اتبعته، وليس للزوج أن يرجع به على الولي، وإن طلق كان له النصف. قال ابن حبيب في الواضحة: وكون المرأة أجازت ذلك لوليها ثم طلقها الزوج قبل البناء رجع الزوج بنصف ذلك الحباء على وليها من كان أبا أو غيره، كانت المرأة ممن يولى عليها أو جائزة الأمر، إذا كانت ممن لا يولى عليها، وللمرأة أن ترجع بنصف الحباء الثاني على وليها إذا كانت ممن يولى عليها، وإنما رأى للزوج أن يرجع على الولي بنصف الحباء، بعد أن أجازته له المرأة، وإن كان ليس له أن يرجع على الموهوب له الصداق بنصفه؛ لأنه إذا قبضه أنزله بمنزلة الذي يتزوج المرأة على أن يهب عبده لفلان. وأما ما كان من ذلك بعد العقد على غير شرط فهو للولي الذي حبا به لا رجوع للزوج فيه عليه ولا حق للمرأة فيه. والأصل في هذا كله ما روي أن الرسول عَلَيْهِ السَّلَامُ قال: «أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه، وأحق ما أُكْرِمَ عليه الرجل أخته أو ابنته». انتهى الحديث فجعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كان من حبا أو عدة قبل عصمه النكاح للمرأة التي هي سبب العطية؛ لأنه إذ لم يثبت له بعد سبب يستوجب به الكرامة. ومن هذا المعنى ما روي أن الرسول عَلَيْهِ السَّلَامُ قال لابن الابنة لما رجع إليه من الولاية على الصدقة فقال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقال الرسول منكرا ذلك عليه: «أفلا جلس في بيت أبيه أو في بيت أمه ينتظر هل تأتيه هدية»؟ فرد حكم الهدية إلى السبب الذي من أجله كانت الهدية، وجعل ما كان بعد ثبات العصمة من كرامة الولي؛ لأنه قد ثبت له ما يستوجب له الكرامة. وأما ما كان شرطا في العقد فلا إشكال في أن له حكم الصداق والله الموفق.

.مسألة المرأة تزوج أباها أمتها أو لابن تزوج أباه أمته:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن المرأة تزوج أباها أمتها أو الابن تزوج أباه أمته، قال: النكاح مفسوخ وتقوم على الأب، حملت أو لم تحمل، كان مليا أو معدما، فإن حملت كانت بذلك الحمل أم ولد، وحاله في هذا المسيس بهذا النكاح، كحال الرجل يتعدّى على أمة ابنه فيطأها، غير أن المعتدي على ابنه في أمته يقوم عليه، كان مليا أو معدما، وكان الابن صغيرا أو كبيرا، حملت منه أو لم تحمل.
قال محمد بن رشد: إنما لم يجز للرجل أن يتزوج أمة ولده، لما له فيها من شبهة الملك، يدرأ به عنه الحد، لقول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أنت ومالك لأبيك» والرجل لا يجوز له أن يتزوج أمته، ولا ينعقد له فيها نكاح؛ لكونه مالكا للبضع قبل النكاح ملكا هو أقوى من ملك النكاح، والنكاح إنما يكون ليستباح به الفرج، ولأن الله تعالى قال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6]. ففرق بين النكاح وملك اليمين، ولم يبح الفرج إلا بأحدهما، فوجب لأجل ذلك ألا يجمع بينهما، وأن يبطل الملك النكاح، تقدم أو تأخر، فلو جاز أن ينعقد نكاح على ملك، لجاز أن ينعقد ملك على ملك، ونكاح على نكاح، وهذا قول مالك وجميع أصحابه، إنه لا يجوز للرجل أن يتزوج أمة ابنه، إلا عبد الله بن الحكم، فإنه يجيزه، قال: ومع أني أكرهه، فإن وقع لم أفسخه، وإلى مثل قوله ينحو قول مالك في سماع ابن القاسم، من كتاب السرقة: إن العبد إذا سرق من مال ابن سيده، قطعت يده، فرأى وطء الرجل أمة ابنه بنكاح، كوطئه إياها دون نكاح، فيما يجب من تقويمها عليه في اليسر والعسر، وإن لم تحمل على قوله إنه لا يجوز له تزويجها؛ لأنه إذا قومت على الأب وإن كره الابن في العدل من أجل أنها لا تحل له، فأحرى أن تقوم عليه في التزويج؛ لأنه قد أذن له في وطئها، وقوله: غير أن المعتدي إلى آخر قوله، استثناء لا وجه له، لا لسواء الوجهين، والله أعلم.

.مسألة يزوج الرجل أمته على أن أول بطن تلده فهو حر:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الذي يزوج الرجل أمته على أن أول بطن تلده فهو حر، فولدت بطنا في حياة سيدها أو بعد موته، قال: ما ولدت في ذلك البطن فهو حر.
قلت: فإن ولدت توأمان، قال: نعم، كل ما كان في ذلك البطن فهم أحرار، قال: ويفسخ النكاح.
قلت: ولم فسخته والشرط للذي به يفسخ النكاح قد انقضى؟ قال: لأن عقد النكاح وقع بما لا يصلح، فليس انقضاء الشرط بولادة الأمة يسقط الفسخ الذي كان وجب في النكاح الفاسد، فهو مفسوخ متى ما علم به.
قلت: وإن طال زمانه جدا؟ قال: نعم، وإن طال زمانه بعد موت، فإنه لا يصلحه طول زمان، قال: وإن ولدت بعد موت السيد، وقبل القسم، فإن ولدها من ذلك البطن حر.
قلت: فهل يُمنع من بيعها إن حملت؟ قال: نعم، إلا أن ينزل به دين.
قلت: فالورثة هل يمنعون من اقتسامها إن كان السيد مات وهي حامل؟ قال: لا يمنعون من ذلك، فإن ولدت قبل القسم عتق ولدها من ذلك البطن بالشرط، وإن اقتسموا قبل الولادة انقطع الشرط، وكان ولد الأمة للذي تصير إليه الأمة، قال أصبغ: إذا طال وخيف على الميراث التلف، وإلا وقفوا.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والقول فيها مستوفى في رسم الجواب من سماع عيسى، وتكررت أيضا فيما مضى من هذا الرسم، فلا معنى لإعادة القول فيها.

.مسألة الرجل يدفع إلى امرأته نقدها أيجوز لها أن تقضي منه:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الرجل يدفع إلى امرأته نقدها أيجوز لها أن تقضي منه إلا الشيء التافه الذي لا خطب له وإن قام عليها غرماؤها ولم يمكنوا من أخذ ذلك الصداق منها إلا بإذن زوجها ورضاه؟ قال: وكذلك قال لي مالك: لا يجوز إلا الدينار ونحوه.
قلت: أرأيت كالئ صداقها، أيجوز لغرماء المرأه أن يبيعوه بالنقد إذا كان على زوجها إلى أجل، فيتحاصُّون فيه؟ وإن كان حالا أيجوز لهم اقتضاؤه لها وقبضه لأنفسهم عنها؟ أو يكون حال الكالئ من صداقها والنقد سواء؟ وكيف إن قام الغرماء على المرأة باقتضاء حقوقهم بعد البناء بأيام يسيرة؟ أيباع لهم متاعها الذي اشترت بنقدها أم حتى متى توقفهم عن بيع ذلك عليها وما أجله عندك؟ قال: ليس لذلك وقت، وإنما الذي لا يجوز لها من ذلك الصداق تأخذه فتدفعه في دينها، فأما ما أحدثت المرأة في ذلك بعد دخول زوجها بها من بيع أو اشتراء، أو جرح أو غير ذلك، فلحقها فيه الدين، فإنها لا تمنع من بيع ذلك وقضائه الغرماء أو يفلسها الغرماء، فيكون لهم بيع متاعها ومالها ما كان منه من صداقها أو غير ذلك، وكذلك هو عندي لو ماتت أخذ الغرماء في ذلك ما كان على الزوج من بقية صداقها، أو حاضر ما في يديها، وهذا رأيي.
قال محمد بن رشد: قوله: إنها لا يجوز لها أن تقضي من مهرها ديونها، إلا أن يكون الشيء التافه اليسير، الدينار ونحوه، ومثل ما قال في كتاب الديات من المدونة. ولمالك في كتاب ابن المواز: إلا أن يكون الشيء اليسير مثل الدينارين والثلاثة، وليس ذلك باختلاف من القول، وإنما ذلك على قدر قلة الصداق وكثرته، فقد يكون صداقها الدينارين والثلاثة، فيكون الدينار الواحد من ذلك كثيرا، وقد يكون صداقها ألف دينار، فتكون العشرة من ذلك أو أكثر قليلا، وهذا كله صحيح على أصله، في أن المرأة يلزمها أن تتجهز لزوجها بصداقها، ولم يجد على الكالئ هل يكون حكمه في ذلك حكم النقد أم لا؟ فأما إذا كان أجله بعد البناء فلا إشكال في أنه لا حق فيه للزوج، وأنه لا يلزم المرأة أن تتجهز به إلى زوجها، فلغرمائها إذا قاموا عليها بديونهم قبل البناء أن يبيعوه بالنقد في ديونهم، وأن يقتضوه إن كان قد حل قبل البناء بتأخر البناء عن الوقت الذي جرت العادة أن يبني أهل البلد إليه، وأما إن كان أجله إلى قبل البناء، فحكمه حكم النقد، وإن تعجل قبل حلوله، وكذلك إن كان النقد عرضا يلزمها أدن تبيعه فيما تتجهز به إلى زوجها، إلا أن يكون العرض مما يقصد إلى اقتنائه، كالسياقات وشبهها. وظاهر قوله: إذا قام الغرماء عليها بعد الدخول وأرادوا بيع جهازها في ديونهم، أنه فرق بين أن يكون الديون حادثة بعد الدخول أو قديمة قبله، وليس المعنى في ذلك لا الطول، وإنما قال: إن جهازها يباع فيما تحدثت بعد الدخول من الديون؛ لأن الأغلب أن ذلك لا يكون إلا في الطول، فإذا قاموا بعد أن طالت المدة، وكان الزوج قد استمتع بجهازها ما له قدر وبال من الاستمتاع، كان لهم أن يقبضوا منه حقوقهم، كانت ديونهم حادثة بعد الدخول أو قديمة قبله، وإن قاموا بحدثان دخول زوجها بها وتجهزها إليه، لم يكن لهم أن يقبضوا ديونهم من جهازها، وإن كانت حادثة بعد الدخول، للحق الذي للزوج من الاستمتاع بما نقدها.

.مسألة امرأة ادعت على رجل قد مات، أنه كان زوجها:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن امرأة ادعت على رجل قد مات، أنه كان زوجها، فأقامت البينة أن ذلك الرجل كان مقرا في صحته أن تلك المرأة امرأته، وأنه كان أصدقها كذا وكذا، ولم تقم بينة على إقرارها في حياته بمثل الذي كان به هو مقرا، ولا على أصل النكاح، قال: إن كانت المرأة في ملكه وعياله، وتحت حجابه، فالقول قولها لحيازته إياها، وخلوته بها، ومصيرها في يديه مع إقراره بنكاحها، وتسمية صداقها في صحته وجواز أمره، وإن كانت المرأة بائنة منه في أهلها عنه، منقطعة في مسكنها، فلا ميراث لها ولا صداق، إذا لم تقر بما كان يدعيه ويقر به من نكاحها، إلا بعد موته، وذلك أنه لو كان حيا فماتت قبله، فأراد أن يرثها بذلك الإقرار الذي كان منه قبل موتها، لم يكن ذلك له حتى يعرف إقرارها بمثل ما كان يدعيه من نكاحها، مع إشهار ذلك وإعلانه، وتقادم ادعائه، ذكر ذلك منها إذ لم تقم بينة على أصل النكاح.
قلت: أرأيت إن كان الذي ادعت هذه المرأة أنها امرأته، كانت في عياله وملكه، فأنكر الورثة وأتت بالبينة أن الرجل كان يخبر من جالسه أن له امرأة، ولم يسمها لهم، فزعم الشهود على إقراره بهذا أنهم لا يعرفون امرأته بتلك التي كان بها مقرا بعينها، ولا باسمها ولا نسبها، ولا يدعي هذه الدعوى غيرها. أترى أن شهادة هؤلاء توجب لها الميراث؟ قال: لا ميراث لها بهذه الشهادة؛ لأنها غير قاطعة.
قال محمد بن رشد: أوجب ابن القاسم في هذه المسألة الميراث للمرأة بإقرار الرجل في صحته أنها امرأته مع كونها في ملكه، وتحت حجابه، وإن لم يعلم منها إقرار بما كان يدعيه ويقر به من نكاحها؛ لأن كونها في ملكه وتحت حجابه، كالإقرار منها بالنكاح أو أقوى، ولو ماتت هي لورثها على ما في رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب الأقضية، في الذي ابتاع جارية فولدت منه أولادا، وقد كان الرجل يخبر الناس أنها امرأته تزوجها وقد كان يحلف بطلاقها، وقد قيل في تلك: إنه إنما أوجب لها ابن القاسم الميراث، لظهور الولد بينهما بعد إقراره بنكاحها، ولولا ظهور الولد بينهما، لما أوجب لها الميراث بإقراره بنكاحها، مع كونها تحت حجابه وفي ملكه، لكونها على ذلك في الأصل بحق الملك، وأما لو لم تكن في ملكه وتحت حجابه، لما وجب لها الميراث، إذا لم يعلم إقرارها في صحته بما كان يدعيه من نكاحها، واختلف إذا تقارا بالزوجية جميعا ولم تكن في ملكه وتحت حجابه، فقيل: إن الزوجية تثبت بينهما بذلك، ويتوارثان بها، إذا اشتهر ذلك من قولهما، وتقادم ذلك، وظهر في الجيران، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية، وقول ابن وهب من سماع يحيى من كتاب الشهادات، وقيل: إن النكاح لا يثبت ولا يكون بينهما ميراث بتقاررها بالنكاح مع طول الزمان، حتى يثبت النكاح بالنية، وهو قول ابن القاسم، وأشهب، في سماع يحيى من كتاب الشهادات، ويصح للشاهد أن يشهد بالقطع على النكاح من ناحية السماع، إذا كثر القول به حتى وقع العلم به للسامع من ناحية التواتر على ما في سماع أبي زيد، ونوازل سحنون من كتاب الشهادات وبالله التوفيق.

.مسألة الحربي يتزوج في دار الإسلام ذمية فيولد له منها:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الحربي يتزوج في دار الإسلام ذمية فيولد له منها، أو الذمي يتزوج الحربية في دار الإسلام، فيولد له منها، وإنما كان خروج الحربي والحربية إلى دار الإسلام بلا عهد أعطياه ولا أمان، ثم اطلع السلطان على أمرهما، فأخذا، فما ترى في رقابهما وأموالهما وأولادهما؟ قال: سئل مالك عن أهل قبرس، يدخل إليهم ناس من العدو، فيتزوجون من نسائهم، أو يخرج القبرسي إلى الروم، فيتزوج امرأة، فيأتي بها، فتلد أولادا، ويولد للرومي من القبرسية ولد فيؤخذون، فما ترى الحكم فيهم؟ فقال: الولد في هذا تابع للآباء، فإن كان رومي تزوج قبرسية فولده فيء، وإن كان قبرسي تزوج رومية فولده على مثابة أبيهم في العهد، وسمعت الليث يقول مثله، وإنما يكون الولد تبعا للأم في المملكة، فأما الأحرار من أهل الذمة، والحربيين أو المصالحين، فهم تبع للآباء، وكذلك قال مالك والليث، وهو رأيي.
قال محمد بن رشد: قوله في الحربي يتزوج ذمية، أو الذمي يتزوج حربية: إن الولد تبع للأب في حاله، من العهد أو غير العهد، هو على خلاف ما في المدونة في الذمية يسبيها العدو، فتلد عندهم، فتسبى هي وولدها: أن ولدها تبع لها، إلا أن يكون قد بلغ وقاتل واحتلم، مثل قول ابن الماجشون وأشهب إن ولدها وصغارهم وكبارهم فيء، وفي المدونة لابن دينار، قول ثالث إن الولد تبع لذي العهد من أحد الأبوين من كان منهما، ولا يسترقون، ولا اختلاف في الحربي يتزوج الأمة أن ولدها رقيق لسيد الأمة. وقال ابن الماجشون وأشهب في الأمة يسبيها العدو فتلد عندهم: إن ولدها صغارهم وكبارهم فيء، والوجه في قوله أنه حكم لهم بحكم الدار، وبالله التوفيق.

.مسألة مرض فدعا جارية عنده فقال أشهدوا أني أعتقتها في صحتي:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن رجل خصي مرض فدعا جارية عنده، فقال لمن حضره: أشهدكم أني قد كنت أعتقتها في صحتي، وتزوجتها، وأنا أشهدكم أنها طالق ألبتة، وقد كانت تعرف مملوكة، ولا يشهد أحد على أصل نكاح ولا عتق في الصحة. فقال: لا تعتق في ثلث ولا غيره ولا صداق لها ولا ميراث إذا لم يكن لها نية على أصل نكاح كان قبل المرض، وذلك أن النكاح لا يثبت، وإن أقر به إلا بثبات العتاقة، والعتاقة لا تثبت بمثل هذا الإقرار في المرض، ولا تعتق في ثلث إلا أن يقول: أمضوا عتقها.
قلت: أرأيت إن صح ماذا يجب لها بهذا الإقرار الذي كان في المرض؟ قال تتم حرمتها ويلزمه طلاقها ولا تحل له إن أراد نكاحها إلا بعد زوج.
قلت: فكم يكون صداقها ولم يكن إذا قر بنكاحها في مرضه ذكر تسمية صداق، وقد اختلف فيه اليوم حين لزمه العتق والطلاق، بالصحة من المرض؟ قال: القول قول الزوج فيما أقر به من الصداق.
قال محمد بن رشد: قد اختلف في قول الرجل في مرضه: قد كنت أعتقت عبدي هذا في صحتي، فيموت من مرضه، على ثلاثة أقوال: أحدها هذا أنه لا يعتق في رأس المال ولا في الثلث، إلا أن يقول: أمضوا عتقه، فيعتق. والقول الثاني إنه إن كان ورثته ولدا أعتق من رأس المال، وإن كان ورثته كلالة، لم يعتق من رأس المال ولا من الثلث. وهذا القول في كتاب أمهات الأولاد من المدونة، في الذي يقر في مرضه بأن أمته ولدت منه، ولا ولد معها، ولا فرق بين المسألتين. والقول الثالث إنه إن كان ورثته ولدا أعتق من رأس المال، وإن كان ورثته كلالة، عتق من الثلث، وهذا القول رواه ابن عبد الحكم عن مالك، وهو في كتاب المكاتب من المدونة، والميراث في هذه المسألة والصداق، إن كان سماه، جار على هذا الاختلاف، يكون لها من الميراث والصداق من رأس المال على القول إنها تعتق من رأس المال إن كان ورثته ولدا، ويكون لها الميراث والصداق من الثلث على القول بأنها تعتق من الثلث، ولا صداق لها ولا ميراث على القول بأنها لا تعتق لا من رأس المال ولا من الثلث، وهو قوله في هذه الرواية، وإن صح من مرضه ثبتت حريتها، وكان لها جميع ما أقر لها به من الصداق، إن كان قد دخل بها، ونصفه إن كان لم يدخل بها، من أجل أنه طلقها، ولا تحل له إلا بعد زوج، وبالله التوفيق.